الاثنين، 8 أبريل 2013

الشيخ الأديب الشاعر حسن بن فرح الفيفي


الشعراء لهم مكانة خاصة لدى العرب في القديم والحديث, وكلما كان الشاعر مبدعا زادت مكانته وارتفعت مرتبته,لأنه لسان قومه وعشيرته , هو المنافح عنها والمبرز لمكانتها, ومظهر مكارمها ونبيل صفاتها, هو المتحدث باسمها وباعث محاسنها، وموقد الحماسة والعزة في أبنائها, يمثل قومه خير تمثيل, ويحترمه الكل ويجله ، يقدم في المحافل والمناسبات، ويصغى إلى قوله ويسمع لرأيه.
نافسته في هذه الأزمنة المتأخرة الكثير من الوسائل الحديثة، المتمثلة في الصحافة والإذاعة والتلفزة والمنتديات، التي أصبحت تتقلد مهمة الإعلام والإعلان ، ولكن ما زالت للشاعر أدواره المتعددة ومكانته المتجذرة التي لا يستغنى عنها, وان كانت دون ما كانت عليه في الماضي، لأنه كان هو المتفرد بكل هذه الوظائف الإعلامية المهمة .
برز لدينا في فيفاء على مدى الأزمنة الماضية الكثير والكثير من الشعراء، الذين لهم مكانتهم وشهرتهم ، نجد في مقدمتهم في القرن الماضي ،الشاعر الفحل فرح بن اسعد الابياتي (رحمه الله) الذي عمت شهرته قبائل فيفاء وما جاورها من القبائل في بني مالك وبلغازي، يحرصون على مشاركته في مناسباتهم ، لما يضفيه عليها بشعره القوي المتدفق الجميل، وإبداعه وحكمته السديدة ، ما يخلدها ويرفع من مكانتها، فهو شاعر شعبي إصلاحي صادق النبرة والكلمة، يسمعه الكل ويقفون إجلالا لما ينطق به من المعاني البليغة والحكمة الصادقة ، وتتداوله الألسنة إعجابا وانبهارا (رحمه الله وغفر له) ولمكانته تلك كانت له أدواره الاجتماعية والإصلاحية المتعددة يتدخل في حل وحسم الكثير من النزاعات القبلية والفردية، ويسمع لأحكامه الصائبة وتدخلاته الموفقة، وهكذا هم الموفقون دوما أصحاب المواهب والعقول النيرة، يستغلون ما وهبهم الله إياه لنفع الناس وإصلاح ذات بينهم، وتوجيههم إلى الطريق السليم النافع لهم دنيا وآخرة .
image
الشاعر فرح بن اسعد (رحمه الله)
الشاعر الأديب حسن بن فرح، شاعر فحل مبدع، ورث الكثير من أبيه، ومن خاله الشاعر المشهور علي بن حسن الابياتي (رحمه الله)، فلديه الملكة والموهبة الشعرية الموروثة ، التي نماها وصقلها بالعلم والأدب والمعرفة ،واستغلها أحسن استغلال في نفع الناس وأداء الكثير من الأدوار المتعددة المشهورة في التوجيه والإصلاح والتعليم والنصح،لا ينسى له ما قام به في بداية النهضة الحديثة في الثمانينات الهجرية من القرن الماضي ، عندما ابتدأت فيفاء تتفتح على العالم من حولها، ودخلت في الكثير من الإرهاصات والتجارب والتغيرات ، في تعاملاتها البريئة مع المحيط الخارجي، مما أوقعها في بعض العثرات الغير متوقعة ، وهي تتلمس الطريق الصحيح في دروب جديدة عليها ،فتصيب مرة وتخطئ مرات ، وتقف وتتعثر، وتقدم وتحجم ، وتتعلم من أخطائها وتجاربها ، وما أكثر ما مرت بها كغيرها في كل البدايات ، ولا بد من الأخطاء والعيوب والملاحظات، وكان له العديد من الأدوار والتنبيهات ، بحكم ثقافته واطلاعه واختلاطه بالآخرين أثناء الطلب في المنطقة وفي مدينة الرياض وغيرها، صحح من خلال أشعاره وقصائده، التي كان ينشرها بصوته المعبر على أشرطة التسجيل (الكاسيت ) مع بداية انتشارها، فكان الناس يتناقلونها ويستوعبون مضمونها ، حيث صاغها بما وهبه الله في أسلوب شعري جميل ومفهوم، فنفع الله بها الناس في تلك الفترة ، حيث ثقفتهم وفتحت بصائرهم على الكثير من الممارسات الغير سليمة ، وحفظوا له جميل ما قدم، احتراما وتقديرا ودعاء صالحا .
وقد أحسن استغلال موهبته الفذة، ووظفها خير توظيف في هذا الجانب المهم وغيره، في الوقت المناسب وكانت له العديد من الأدوار من خلال هذه الموهبة وغيرها من المواهب المتعددة لديه، في النص التمثيلي والأنشودة والمقالة والخطبة، مما جعله يحتل الصدارة والريادة في مجتمعه، وفقه الله وسدده وجعل كل ذلك في موازين حسناته.
لندلف قليلا لنتعرف ولو باختصار على شيء من سيرته العطرة فنقول وبالله التوفيق :
انه الاستاذ الأديب الشاعر الشيخ /حسن بن فرح بن اسعد بن سليمان بن يزيد بن مسعود آل يزيد بن مسعود الابياتي الفيفي .

image
والده كما سبق وعرفنا هو الشاعر المشهور فرح بن اسعد آل يزيد مسعود (رحمه الله ) أسرة رئاسة وشيخه، فشيخة قبيلة الأبيات في هذه الأسرة منذ زمن طويل إن خرجت منها لا تلبث أن تعود ، وصاحب السيرة كما هو معلوم هو شيخ هذه القبيلة في الوقت الحاضر (قبيلة عشائر الأبيات) .
أمه الفاضلة عافية بنت حسن بن ساري آل الحرب الابياتي الفيفي، أخت الشاعر المشهور علي بن حسن ساري رحمهم الله جميعا .
ولد لهما في حوالي عام 1362هـ مع أن المسجل في بطاقته الشخصية انه من مواليد عام 1357هـ ، كانت ولادته في بيت (المظفورة ) الواقع في وسط بقعة قزاعة من جبل آل امشنية في الجبل الأسفل بفيفا، حيث كان يقيم والداه هناك في تلك الفترة ، وبما انه آخر مواليد أبيه فقد كانت له المكانة الخاصة والمميزة لديه ، وكل منهما كلف بالآخر فلا يكاد يفارق أباه، يسير في صحبته في ذهابه وإيابه، لذلك فقد حضي من خلال هذه الصحبة والملازمة ، باكتساب الكثير من الأخلاقيات وسعة البال،وأسلوب الاستماع والحديث، ومحضه الكثير من الحنان والتربية الفاضلة، واقتبس منه السمت وصفات النبل التي تميز بها رحمه الله .
طلبه العلم :
ادخله والده في عام 1371هـ في مدرسة الشيخ عبد الله القرعاوي في النفعية، التي ما لبثت أن انتقلت إلى قرية ذا وديف، كان معلمها في تلك الفترة الشيخ سليمان بن قاسم آل طارش والمعلم موسى بن حسن يحي السنحاني ، واستمر في هذه المدرسة لما يقارب العامين ، وفي فترات محدودة يحدث انقطاع بسيط، فانتقل في إحداها للدراسة لدى المعلم إبراهيم بن عبد الله أحسن آل مشكاع، في بقعة حيدان تحت شجرة (الظّلامة) الواقعة بجوار قصر الأفراح حاليا ، ولكن أكثر دراسته كانت في مدرسة النفيعة، التي زاد توهجها والاهتمام بها، عندما عين الوالد الشيخ علي بن قاسم قاض لفيفا، واسند إليه فضيلة الشيخ عبد الله القرعاوي الإشراف على كامل مدارسه في القطاع الجبلي، وبحكم أن هذه المدرسة هي الأصل لمدارس الشيخ القرعاوي في المناطق الجبلية، وكونها في مركز فيفا، وبجوار سوقها الأسبوعي، فكانت تحظى بالكثير من الأولويات والاهتمام أكثر من غيرها، فعين لها مجموعة من المعلمين الأفاضل منهم المعلم موسى بن حسن يحي آل سنحان السابق الذكر ، والمعلم يحي بن احمد مفرح الداثري، والمعلم منصور بن حاوي ، وقد استمر جادا في هذه المدرسة ، ونال حظا وافرا من العلم، ختم القرآن الكريم وتجويده وبعض المتون في الفقه والتوحيد والحديث.
في تلك الفترة أحس الناس بأهمية العلم، وما يحققه لصاحبه من مكانة اجتماعية ووظيفية، وهم يرون أول ثمار هذه المدارس قائمة بينهم، في تعيين أول قاض لفيفا تخرج من هذه المدارس، مما حفز الكثير من الشباب للتطلع إلى مواصلة تعليمهم، فكثرت الهجرات إلى مدارس الشيخ القرعاوي الكبرى، في بيش وصامطة لمواصلة طلب العلم والاستزادة منه والتوسع فيه ، لذلك ففي عام 1374هـ ومع انه ما زال صغيرا (12) سنة، رغب إلى والده أن يسمح له بالسفر لطلب العلم ، حيث سافر في معية الشيخ سليمان بن قاسم إلى مدينة بيش، ولم يلبث بها إلا شهرا، إذ انتقلا إلى مدينة صامطة، حيث افتتح بها المعهد العلمي التابع للرئاسة العامة للكليات والمعاهد العلمية (جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية فيما بعد) حرصا على الالتحاق بهذا المعهد ، ولكن لصغر سنه حينها، وقلة حصيلته العلمية، وشدة التنافس على الالتحاق بالمعهد، حالت دون قبوله مباشرة ضمن طلابه ، مما جعله يلتحق بالمدرسة السلفية، التي كان يديرها الشيخ ناصر بن خلوفة (رحمه الله)، ودرس فيها لأكثر من سنتين، أهلته بعدها للقبول في المعهد العلمي، في العام الدراسي 1376/1377هـ تم قبوله في المرحلة التمهيدية، ومدتها سنتان، تعادل الصفين الخامس والسادس الابتدائي ، وينتقل الطالب منها إلى المرحلة المتوسطة ، وقد تدرج في هذه المراحل، فبعد نجاحه من التمهيدي ، انتقل إلى المرحلة المتوسطة في العام الدراسي 1378/1379هـ، ومنها إلى المرحلة الثانوية ، التي حصل على شهادتها في العام الدراسي 1383/1384هـ ، وانتقل مباشرة إلى مدينة الرياض ، تحفزه همته لاستكمال تعليمه الجامعي ، حيث التحق بكلية اللغة العربية، التابعة لرئاسة العامة للكليات والمعاهد العلمية (جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية فيما بعد) حيث كانت رغبته وميوله ، وواصل دراسته فيها بجد واجتهاد حتى نال شهادتها العالية، حيث تخرج منها في العام الدراسي 1387/1388هـ ، يحمل البكالوريوس في اللغة العربية وعلومها.
العمل الوظيفي :
بعد تخرجه عين مباشرة في التعليم في وزارة المعارف،وتم توجيهه إلى منطقة عسير، وباشر العمل في المتوسطة الأولى بمدينة أبها، وقد اسند إليه في نفس العام العمل وكيلا لهذه المدرسة ، وفي السنة التالية كلف بالعمل مديرا للمتوسطة الثانية بمدينة أبها، واستمر فيها لمدة خمس سنوات ، نال الكثير من النجاح والتفوق، وبرزت وتميزت هذه المدرسة على مستوى المنطقة، مما جعل إدارة التعليم تتردد في الموافقة على نقله عندما طلب ذلك في عام 1394هـ رغبة منها في استمراره لديهم ، لاستكمال ما حققه من نجاحات متميز في عمله.
لقد أمضى في أبها بمنطقة عسير أكثر من ست سنوات، ورغب في الانتقال إلى بلدته فيفا، شعورا منه بواجبه تجاه أهله فيها، وسعيا للمشاركة الفعلية في النهوض بها ، من خلال عمله الوظيفي المهم ، رغم ما يعلم انه سيضحي به في سبيل ذلك من راحة ورفاهية معيشية وخدمية متوفرة في أبها ولا توجد حينها في فيفا، ومع ذلك أصر على كامل التضحيات بكل شيء في سبيل هدفه الأسمى، ورغم ممانعة ومعارضة إدارة التعليم بمنطقة عسير لاستبقائه لديهم .
صدرت الموافقة على انتقاله إلى منطقة جازان في العام الدراسي 1394/1395هـ ،وتم توجيهه مديرا لمتوسطة النفيعة بفيفا، وكانت هي المتوسطة الوحيدة في كامل القطاع الجبلي ، ولا يوجد فيها أي معلم سعودي حينها فما بالك بأبناء فيفا .
ما أسرع ما بث روح الحماس في المدرسة، وفي كل المدارس من حوله، بل وفي المجتمع بكامله ، فقد كان يتدفق حماسة ونشاطا وإبداعا ، ومحض المدرسة كل جهده وقته وخبراته، فكانت شعلة عمت بشعاعها المجتمع المحيط بها، حيث تدفق من خلالها حراكا تنويريا كبيرا عم المدرسة والمجتمع بكامله ، من خلال برامجها المنهجية وألا منهجيه، استقطب كل فئات المجتمع، والتف حوله الكل ، فقد سعى إلى أن تقوم المدرسة بوظيفتها التنويرية الحقيقية ، وان يكون لها الدور الايجابي لخدمة وتوعية المجتمع في محيطها ، حتى انه أسس مسرحا لأول مرة بجوار المدرسة، تعقد فيه اللقاءات الدورية العامة لكل فئات المجتمع ، تقدم فيه التمثيليات الهادفة، والأناشيد والمقابلات والمحاضرات والمسابقات، استقطبت الجميع واحتوتهم ، وغيرت وقلبت الكثير من المفاهيم لديهم إلى الأفضل ، نورت ووسعت مداركهم وحركت أفكارهم .
عندما تخرجت أول دفعة من هذه المدرسة في العام 1396/1397هـ ، وكان لزاما على من يرغب في مواصلة دراسته التوجه إلى الثانويات خارج البلدة، في مدن صبيا وجيزان وأبو عريش، أو إلى خارج المنطقة، وان يبتعد الطالب عن أهله ومازال صغيرا، في سن لا يؤهله للاعتماد على نفسه كما ينبغي، وهو بعيد عن إشراف أهله المباشر، أهمه الأمر كثيرا وأقلقه ، فكم حالت هذه المشكلة دون أن يواصل الكثير من الطلاب المتفوقين والراغبين دراستهم ، وكانت لديه الخلفية الكاملة عما يواجهه الطالب وهو في هذه السن في الغربة، فهذه السن اخطر مراحل العمر (سن المراهقة) وما فيها من تغيرات تجتاح كيان الفرد ،وقد تعصف بمستقبله وتغير مساره ، وبالذات هو بعيد عن أهله وعن عين الرقيب الحانية، لذلك سعى جادا إلى البحث عن حل مناسب، ولن يتحقق الحل إلا بإيجاد مرحلة ثانوية ، تؤجل سن الاغتراب قليلا ، ويكون الطالب عندها قد اكتسب شيئا من النضج والاستقلال الفكري ، فلما ناقش الأمر مع مدير التعليم بالمنطقة الأستاذ محمد سالم العطاس (حفظه الله) أيده وتعاطف معه،ولكن للأسف يحول دون تحققه عدم انطباق الأنظمة والضوابط عليها ، فأعداد الطلاب أقل من الحد الأدنى المطلوب لإحداث هذه المرحلة ، ومع ذلك لم ييأس أو يتخاذل ، صمم على أن يستنفد كل الوسائل والسبل ، فلم يسلم الطلاب شهاداتهم ، ليتمكنوا من التسجيل في الوقت المناسب ، مؤكدا لهم أن الثانوية ستفتح ، وعمل جاهدا في سبيل تحقيق افتتاحها ،وتحرك طوال العطلة الصيفية بين جازان والرياض ، ولكن دون نتيجة ايجابية ، لذلك غامر واحضر مقررات الصف الأول ثانوي، وافتتح لهولاء الطلاب صفا ملحقا بالمتوسطة ، وابلغ إدارة التعليم وجعلهم أمام الأمر الواقع، وأشعرهم انه لا يفترض أن يكون هولاء الطلاب هم الضحية ، وقد فاتهم التسجيل في المدارس الأخرى على هذا الأمل، لذلك تفاعل سعادة مدير التعليم مع الأمر وهو جدير بكل ذلك (وفقه الله) حيث بذل كل جهده ، ووظف كل علاقاته ، حتى استطاع بعد جهد كبير إقناع الوزارة بالموافقة على إتمام إحداث هذه المرحلة استثناء، وكان قد مضي أكثر من شهرين على بداية العام الدراسي ونجحت وتفوقت .
استمر مديرا لهاتين المرحلتين ، وعلى نفس النهج ، حتى أحيل للتقاعد في عام 1417هـ بعد ما يقارب من ثلاثين سنة من البذل والعطاء ، وأضحت بفضل الله هذه المدرسة من المدارس المتفوقة والمتميزة ، وطلابها ينافسون وما زالوا على المراكز المتقدمة، على مستوى المنطقة وعلى مستوى المملكة، وقد خرجت العديد من الأجيال المتعاقبة ، التي انضوت في كل المجالات في هذه الدولة المباركة، وشاركوا في النهضة العظيمة ، وتبوؤوا أعلى المراتب ونالوا أفضل الشهادات في كل المجالات.
مساهماته الاجتماعية:
يحب الناس كثيرا، ويسعى دوما إلى خدمتهم، لذلك كثير ما يلجئ إليه أهل الحاجات والتظلمات، فيشفع لهم أو يرفع من الشكايات ما يكون عونا لهم عند أصحاب السلطة في تفهم أوضاعهم وتحقيق مطالبهم، والسعي إلى رفع العنت عنهم ،تجده يسعى دوما إلى رفع المطالبات التنموية لمن في أيديهم تحقيق ذلك، من أصحاب السمو والمعالي الوزراء، وقد يسافر بنفسه في سبيل تحقيق ذلك، لديه همة عالية ووطنية متدفقة، ينافح عن أهله وجماعته ، ويسعى دوما إلى رفعة وعزة هذا الكيان دون تعنصر أو قبلية .
اختاره أبناء قبيلته (عشائر الأبيات ) شيخا لهم في عام 1416هـ، بعد أن شغر منصب الشيخة بوفاة ولد عمه الشيخ حسن بن جابر اسعد (رحمه الله) ، وقد عمل على تنظيم أمورهم ،وترتيب شؤونهم، ومن ذلك إعداده برنامجا اكترونيا تعاونيا مبتكرا لأفراد القبيلة ، يقوم على قاعدة تشمل جميع أبناء القبيلة ممن يحمل منهم بطاقة شخصية ، أو أصبح مستقلا بدخل خاص به، وصنفوا إلى فئات حسب الدخل الشهري للواحد منهم ، ويتم تحديث هذه المعلومات بين فترة وأخرى بما يستجد من أوضاع، فيجري تغيير وضع كل واحد حسب ما يستجد عليه من أوضاع بزيادة أو نقص، فهو برنامج إحصائي تكافلي، يتعرف من خلاله على تطورات الأفراد المعيشية والأسرية ،فمن كان بحاجة سهل معرفته وإعانته، ومن تحسنت أموره ارتفع مقدار مشاركته في التكافل مع جماعته، وله حد أعلى بسيط اتفقوا عليه لا يوثر على احد ولا يستقطع منهم الكثير ، ويحقق لهم الترابط والتكافل ، ويشرف عليه نخبة من أبناء القبيلة الشباب ،(وهو برنامج جدير بتعميمه بين كافة القبائل والاقتباس منه وتطويره).
كذلك تم اختياره في عام 1427هـ عضوا في المجلس البلدي في بلدية فيفاء، واستمر عضوا فاعلا فيها ، وانتخب نائبا لرئيس هذا المجلس، حتى طلب إعفائه لظروفه الصحية .
مميزاته الشخصية:
يتميز بشخصية فذة قوية، وقيادية موثرة، وهو كما عرّفنا به أعلاه شاعر مجيد، وهو لسان مجتمعه ومنطقته،هو شاعر المحافل والمناسبات المميز ، يحرص المنظمون على أن يكون مشاركا معهم في المناسبات الوطنية وفي الأعياد، وفي استقبال الضيوف من أمراء ووزراء وغيرهم، حتى أطلق عليه لقب (شاعر المنطقة)، له العديد من القصائد الشعرية الرائعة ، بل كل قصائده كذلك، فهو مبدع في جميع أغراض الشعر، فلعله يسارع كما وعد بإخراجها في ديوان أو دواوين تحفظها ، ويسهل الاطلاع والرجوع إليها من متذوقي الشعر الرائع ومحبيه .
وشعره الشعبي لا يقل جودة عن فصيحه , وله محبيه ومتذوقيه، وفيه الكثير من المعالجات الاجتماعية الراقية ، ولا ينكر احد فضله في مساهماته التنويرية من خلال هذا الشعر ، ففي أواخر الثمانينات الهجرية وبداية التسعينات كما ذكرنا، كان له عن طريق ما يسجله بصوته من أشعار شعبية رائعة، ينقد فيها بعض التصرفات والتعاملات غير المقبولة ، فكان لها اكبر الأثر في تعديل كثير من تلك التصرفات، والتنبيه إلى العديد من الأخطاء والعثرات ، ثم ما كان له بعد ذلك من ادوار إصلاحية وتنويرية متعددة ، بما كان يعده من كلمات ومنولوجات وتمثيليات، يقوم على تنفيذها طلاب المدرسة (المتوسطة والثانوية)، في الاحتفالات والأنشطة الموسمية ، ويحضرها أولياء أمور الطلاب، و يتناقلها الناس وتنتشر بسرعة عجيبة في المجتمع ، لأسلوبها الرائع المقبول، والطرح الجميل المؤدب ، فيكتشف الناس من خلالها واقعهم وأخطائهم وتصرفاتهم ،فيعينهم ذلك على تعديلها أو استبدالها بما هو خير منها .
وله حضور مميز في المناسبات والاحتفالات العائلية، وفي الأعياد وغيرها، التي تمارس فيها بعض الألعاب الشعبية (دلوع وهصعات) ويشارك فيها الشعراء ارتجالا دون سابق إعداد ، إنما حسب ما يمليه الواقع والموضوع الذي يطرق ، فيكون حلبة ممتعة للتنافس، تبرز فيها المواهب ،وتتمايز فيها الشعراء .
وهو خطيب مفوه، قوي الحجة والبيان، فصيح المنطق واللسان، يقنع مستمعيه ويوثر فيهم، لصفاء فكره ورجاحة عقله، وسلاسة ألفاظه ومعانيه ، راوية لا تمل من سماع سرده، وحبك حكاياته، سواء تحدث عن الواقع المعاش، أو عن التاريخ وعبره ، تعيش معه في واقع ملموس ، تبهرك صوره وخيالاته ، ومع ذلك فهو يحسن الاستماع والإنصات ، لا يقاطع محدثة ولا يهمشه، يتركه على سجيته واسترساله ، يمنحه ثقة وانطباعا جميلا، واحتراما وصدى رائعا، وكأن ما يقال الآن لم يسمعه من قبل، ولو كان قد عرفه قبل أن يولد المتحدث .
وهو كاتب مبدع، وباحث لغوي متمكن وصبور، لديه العديد من البحوث في أصول اللغة ومعانيها ، اهتم كثيرا بلغة أبناء فيفا وما جاورها ، في بحث له بعنوان (المفردات الفصحى في اللهجة الفيفية) جمع فيه وأحصى العديد مما تفردت به لغتهم من اللسان العربي الفصيح ، بل احتوى على العديد من الكلمات والتسميات المهجورة في كثير من مناطق العالم العربي، وما زالت تستخدم هنا، ولها شواهدها في القرآن الكريم، والحديث الشريف، والشعر العربي القديم ، واستوعب فيه أكثر من أربعة آلاف كلمة ، وما زال هذا البحث كغيره من بحوثه وكتاباته مخطوط لم يطبع (عجل الله بطبعه) .
له كتابات في التاريخ القديم والحديث، مما يتعلق بهذا القطاع الجبلي، يحوي دراسات بديعة، واستنتاجات سديدة، اقرب للصواب والمنطق، توصل إليها من خلال نظرة فاحصة، واستقراء جيد للواقع من خلال الأحداث التي مضت ، ومن خلال اطلاعه على بعض المخطوطات والمكاتبات والمعاهدات ، مما يضفى تفسيرا جديدا ، وتعليلا صادقا ،وصورة هي اقرب للواقع ، ويعطيك نظرة مغايرة لما كان في مخيلتك ، فيثري معلوماتك ، ويفتح مداركك، ويثير تسآولاتك .
له ولع بالمبتكرات الحديثة ، يسارع إلى اقتناء كل جديد منها ، والتعرف على أسرارها، وتطويعها واستغلالها في تسهيل أموره، فمن خلال زيارة خاطفة لبيته تجد الجديد في كل مجال، بل ويطور معظمها لاستخدامها لغير ما صنعت له بما يتلائم مع استخدامه الخاص، مما ينم عن عقلية مبدعة مبتكرة، لا تعرف المستحيل.
ونورد كشواهد على ما سبق من حسن استغلاله لكل جديد من هذه الأجهزة :
أولا/ استخدامه لآلة التسجيل في بداية انتشارها في الثمانينات الهجرية ، فيسجل عليها قصائده الشعبية ويبث من خلالها الوعي بين الناس فيما يهمهم، ويعالج به بعض السلبيات التي تنتشر بينهم، وكان له دور عظيم وتأثير كبير في ذلك الوقت كما سبق وذكرنا في مقدمة الموضوع.
ثانيا/ التصوير وبالذات التصوير التلفزيوني (الفديو) فهو من أوائل من اقتنى آلة تصوير من هذا النوع في فيفا، ولديه لقطات بديعة ونادرة تم التقاطها من قبله في نهاية التسعينات الهجرية .
ثالثا/ الحاسب الآلي تعرف عليه وطوعه لمساعدته على تسيير أموره الحياتية والإبداعية في الكتابة والتأليف والبحث، وتنظيم أمور قبيلته وأعماله الخاصة والعامة، وما ذكرناه عن برنامج قبيلته التعاوني مما يندرج تحت هذه الاستفادة .
ولو أردت أن أزيد رابعا وخامسا والى ما لانهاية ، فلديه الكثير من ذلك في الصوتيات والاتصالات والبرمجيات، وأدوات الكهرباء والطبخ وغيرها وغيرها ....
حياته الاجتماعية :
تزوج عدة زوجات وهن :
1. عافيه بنت احمد حسن الابياتي (أم العطاس).
2. عافية بنت فرحان مغوي الابياتي (أم محمد).
3. محسنة بنت علي قاسم الخسافي (أم عبد الله)
4. محسنة بنت سليمان احمد الخسافي (أم عبد العزيز).
وله العديد من الأبناء والبنات على النحو التالي :
1. محمد.
2. موسى.
3. العطاس.
4. عبد الله.
5. طلال.
6. فرح.
7. علي.
8. عبد العزيز .
9. محسنة.
10ـ سامية
11ـ ايمان.
12ـ سوسن.
13ـ سمية.
حفظهم الله ووفقهم إلى كل خير وأصلحهم على ما يحبه الله ويرضاه.
تقاعده:
أحيل للتقاعد عند بلوغه سن التقاعد (ستين سنة ) حسب ما هو مثبت في بطاقته الشخصية وإلا فهو اصغر من ذلك كما أوضحنا أعلاه ، وذلك في عام 1417هـ وقد أقام له جماعته وطلابه ومحبيه حفلا كبيرا في قاعة الاحتفالات في فيفا, القي فيه العديد من الكلمات والقصائد الشعرية، وقد شارك فيه فضيلة الوالد الشيخ علي بن قاسم بقصيدة تحت عنوان (يا أبا العطاس) ومما ورد فيها قوله :

هكذا تبنى طموحات الرجال
وتنمى في ارتقاء واكتمال
إذ حياة المرء ميدان لمن
رام عزا وامتطى خير الخصال
فابتناء المجد لا يأتي بما
هان كلا انه صعب المنال
إنما السودد بذل أو فدا
أو علوم ضوءها يمحو الضلال
من يسد بالبذل والجود إذا
لم يسعه بذل فضل المال مال
وكذا الإقدام في ساح الوغى
من يرمه مرتقى للمجد هال
قل من يبذل روحا يبتغي
سؤددا في نيله ألف احتمال
غير أن العلم نور وهدى
وحياة انه أسمى مجال
من يسد بالعلم نال العز في
هذه الدنيا وفي يوم المآل
يا أبا العطاس فاهنأ غرسكم
قد تنامى واستوى والزرع طال
ها هو الجيل الذي قدتم أتى
يحمل الراية عنكم في اختيال
ثقة بالنفس إذ أنهلتهم
من رحيق العلم والعذب الزلال
ثم انتم دوركم لم ينته
نضجكم يبقى دواما في تعال
إنما الكرسي الذي خلّفته
بكم استعلى وانتم لا تزال
أنت رمز للعلى في بيتكم
يتأسى بكمو كل محال
يا أبا العطاس أنت اليوم في
مستوى الربان في هذي الجبال
وبنو قومي لهم توق إلى
قائد من نوعكم شهم مثال
يبرز المكنون من أسرارها
ويجلي الحسن فيها بالصقال
وفقه الله وأطال عمره على ما يحبه ويرضاه ، وغفر لنا وله, ولوالدين ووالديه ، وختم لنا وله بالصالحات انه هو البر الرحيم ـ والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته .

محبكم /عبد الله بن علي قاسم الفيفي : أبو جمال
الرياض 27/4/1432ه

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق