الريادة يمنحها الله لبعض الناس، تفضلا منه ومنّة، فيجعل لهم الاقدمية في بعض الأمور، ويهيئ لهم الظروف، ليكون لهم السبق والتقدم على الغير، فيتخذ منهم الآخرون قدوة يسيرون على نهجهم، ففي نجاحهم نجاح لغيرهم ، وبأسبقيتهم يقدمون التجربة الناجحة، والنموذج العملي الجاهز، فتختصر لمن يأتي بعدهم الطريق، وتخفف عنهم التخبط المعيق ، فنجاحهم نجاح لأنفسهم، يتكرر لهم بنجاح كل من اختط خطهم، وسار على نهجهم، واستفاد من تجربتهم ، فالإنسان لا يخاف إلا من المجهول ، وكلما علم جزء من هذا المجهول، زال جزء من الخوف عن قلبه، فالجهل خوف والعلم قوة وشجاعة , وهما ضدنا لا يلتقيان ، فبفضل هذا المتقدم ينزاح الجهل، ويبرز العلم ، فتتضح معالم الطريق، وتسبر أغواره، وتضاء جوانبه ، فيسلكه التالي دون خوف أو تردد ، لتأكده من وضوح المعالم ،ولمعرفته بالنهايات والنتائج .
كثير من المفاهيم الخاطئة مبنية على الجهل ، وكلما زاد الجهل زادت المفاهيم والقناعات الخاطئة ، حتى إذا تمكنت من النفس واستاسرتها وشدت وثاقها ، حبستها عن المضي إلى الأمام ، وتحولت إلى حجر عثرة تعيق المسير، نحو التقدم والتغيير، فالقناعات السلبية تجذب الفرد والمجتمع بأكمله إلى الخلف، ولا تتغير إلا بقناعات ايجابية قوية ، فمن الصعوبة بل ومن المستحيل إزالة أو تغيير هذه القناعات بسهولة إذا فشت بين الناس ، ولا يكون كسرها أو تخطيها إلا بما يضادها ، من العلم البين الواضح ، والحجة الدامغة المتيقنة ، فالجهل لا يزال إلا بالعلم الحقيقي. أحدثت وزارة المعارف أول مدرسة ابتدائية في النفيعة بفيفاء عام 1377هـ ، ومع بداية افتتاحها اصطدمت بالكثير من القناعات السلبية لدى بعض الناس ، ممن ألفوا نمطا واحدا من التعليم ساروا عليه ، وجهلوا ما سواه من التعليم النظامي الحديث ، ولم يدركوا أهميته للأجيال القادمة ، وفي بناء المستقبل الذي تسعى الدولة إلى تأهيلهم له ، لكي تنهض وتبني حضارتها ، فهم لا يرون العلم إلا ما هو موجد لديهم في المدارس التقليدية (المعلامة) فلا يحتاج الإنسان لأكثر من تعلم القرآن الكريم ، وبعض المبادئ البسيطة في القراءة والكتابة، وما يلزمه في أمور دينيه الأساسية ، ففي ذلك الكفاية حسب قناعاتهم ، وأما دراسة (خبز وعجن وزرع وحصد) مما تضمنته كتب الهجاء في المدارس الحديثة (واتخذوه لازمة لنقدهم وقدحهم) فهم يرونه نوع من العبث، لا يسمن ولا يغني من جوع من وجهة نظرهم القاصرة. هذه نظرة معظمهم، والقناعات المتحكمة فيهم ، فمعرفة احدهم لا تتجاوز الحياة المعيشية البسيطة، التي تدور حول مزرعته، أو خلف قطيع ماشيته، أما ما سوى ذلك من طلب العلم، أو بناء المستقبل، والالتحاق بوظيفة حكومية ، فذلك لا يوجد في قواميسهم ، فنظرتهم بسيطة محدودة ، لذلك لم يدخلوا أبنائهم إلى هذه المدرسة، بل وكانوا يلومون ويعتبون على كل من ادخل أبنائه فيها. استمرت هذه القناعات، ولم تتغير على مدى سنين عديدة ، إلى أن حدث ما لم يخطر لهم على بال،ولم يكن في حسبانهم ،حيث برز أمامهم الجانب الآخر المضيء، والمردود الايجابي المفيد من هذه المدرسة ، وذلك عندما أثمرت هذه المدرسة ، واستوت وآتت أكلها ، وعاد أوائل خريجوها، بعد حصولهم على شهادة معهد إعداد المعلمين بجيزان ، وتم تعيين أول معلم منهم في المدرسة ، قدوة ونموذجا ومثالا ، وأصبح أمرا واقعا ومثالا بارزا أمامهم . معلّم لا يختلف عن بقية المعلمين ، ولكنه ابن بلدتهم، ومنهم وفيهم ، يعرفونه ويعرفون أسرته وقبيلته ، لا يختلف عن أبنائهم من لداته، إلا أنه أصبح مؤهل بالعلم الحديث، ويحمل شهادة دراسية معتبرة ، وموظف رسمي في الدولة، يصرف له راتب جيد، وله مركزه الاجتماعي المرموق، والمكانة الاجتماعية العالية، ويتميز بالفكر المستنير، والمظهر الراقي البديع ، صورة ومكانة يتمنى كل أب أن يكون ولده على مثلها. بذلك اختلفت الصورة بكاملها ، وتغيرت الكثير من المفاهيم ، وتبدلت الأفكار والقناعات ، فاقبل الناس على المدرسة، والتحق الأبناء بالدراسة فيها ، حتى لم تعد تستوعب من كثرة الإقبال عليها ، مما تطلب إحداث المزيد من المدارس، حتى عمت أنحاء فيفاء ، وتوالى الخريجون يأخذون أداورهم في خدمة بلدهم ووطنهم في كل مجالات الحياة ، فهذا المعلم وهذا الطبيب والمهندس والقاضي والضابط ، وغدا ابن فيفاء نموذج المواطن الكف الناجح ، المؤهل بالعلم والمعرفة ، يتربع بكل جدارة واقتدار في أعلى المناصب ، خدمة لدينه ثم وطنه ومليكه. لقد كان من اوئل هولاء الرواد، بل وفي مقدمة خريجي مدرسة النفيعة الابتدائية بفيفاء، وأول من تم تعيينه معلما فيها، من أبناء فيفاء، انه الاستاذ الفاضل والمربي القدير/ حسين بن جابر بن جبران بن سلمان بن جبران الخسافي الفيفي ![]() ولادته ونشأته: كما ورد أعلاه فوالده هو الشيخ جابر بن جبران، احد مشايخ فيفاء البارزين، تولى الشيخة في قبيلته آل الخسافي في عام 1361هـ ، حيث توحدت القبيلة تحت شيخته، بعد أن كانت منقسمة على ثلاثة مشايخ ، واستمر شيخا فيها لما يقارب الستين سنة ، حتى تنازل لكبر سنه، وكان شاعرا شعبي مبدعا (رحمه الله وغفر له) . وأما أمه فهي الفاضلة حالية بنت سليمان سالم السلعي الخسافي الفيفي (حفظها الله). ولد لهذين الأبوين الكريمين ، في بداية شهر الله المحرم من عام 1368هـ ،وان كان المسجل في حفيظة نفوسه انه من مواليد عام 1365هـ، وكان مولده في بيت المحلة، الواقع في وسط بقعة وادي البير في الجهة الشمالية من مروح . تعليمه : ألحقه والده في المعلامة القائمة في جامع مروح، وكان يعلم فيها الفقيه احمد بن علي يحي المشرومي المثيبي (رحمه الله)، فلما توفي خلفه ولده الشيخ سليمان بن احمد المشرومي (حفظه الله)، فختم لديهما القرآن الكريم، ثم أعاد دراسته مرة أخرى بما يسمونه (الخوض) وذلك عند الفقيه العالم حسن بن عبدالرحمن الغالبي من علماء اليمن (حفظه الله) وتعلم على يديه علم التجويد وبعض المبادئ في اللغة والنحو . استمر في ملازمة معلامة جامع مروح، إلى أن افتتحت المدرسة الابتدائية بالنفيعة، في عام 1377هـ فكان من اوائل الطلاب الملتحقين بها، ولتأهيله السابق من ختمه القرآن الكريم وإتقانه القراءة والكتابة ، فقد قبل مباشرة في الصف الثاني الابتدائي، واقبل على الدراسة فيها بكل شغف ورغبة، وأعانه على التميز والتفوق فيها ذكائه الفطري، وتأسيسه العلمي الجيد ، فكان في مقدمة الناجحين المتفوقين ، ينتقل من صف إلى آخر أعلى منه ، حتى تخرج بجدارة من الصف السادس الابتدائي في العام الدراسي 1381/1382هـ ، مع أول دفعة تتخرج من هذه المدرسة، وقد تقدموا لاختبارات هذه السنة أمام لجنة وزارة المعارف التي كانت تعقد في مدينة صبيا . بعد حصوله على الشهادة الابتدائية، رغب في مواصلة دراسته، التي ستكون في خارج بلدته (فيفاء) ، فلم يمانع والداه من ذلك، رغم صغر سنه وانه سيتغرب عنهما ويفارقهما لفترة طويلة، وسيعيش في بيئة مختلفة لم يألفها ولم يتعودها ،ولكن إيمانهما بنبل هدفه (طلب العلم) وثقتهما بحسن تصرفه، ورجاحة عقله، وسلامة توجهه، ادخل على قلبيهما الراحة والطمأنينة، وبالذات فسيكون في معيته ابن عمه علي بن فرحان زميل الدراسة ورفيق العمر والدرب ، فسعى في القبول في معهد إعداد المعلمين المتوسط بمدينة جيزان ، الذي يقبل خريجي المرحلة الابتدائية ، لان وزارة المعارف كانت في بداية تأسيسها، بحاجة ملحة إلى توفير المعلم المؤهل، ليسد النقص الكبير في المعلمين، فمعظم المعلمين في تلك الفترة من الأخوة المتعاقدين من الدول العربية، من مصر وفلسطين والأردن، ونقص المعلمين يحول دون طموحات وخطط الوزارة، في التوسع في تعميم التعليم في جميع أنحاء المملكة الشاسعة، فكانت هذه المعاهد حلا سريعا وعاجلا للتسريع في تحقيق آمال الوزارة وتطلعات ولاة الأمر، في توفير المعلم المؤهل من أبناء الوطن . بعد قبوله في معهد إعداد المعلمين في العام الدراسي 1382/1383هـ هو وزميليه الاستاذ علي بن فرحان شيخ قبيلة آل الخسافي في الوقت الحاضر (حفظه الله) والاستاذ يحي بن علي حسن الابياتي (رحمه الله) قاموا بتهيئة السكن المناسب، فاستأجروا بيتا صغيرا قريبا من المعهد ، (بيت للقاضي حسن بنجرـ رحمه الله)، وهيئوه بما يلزم ويعينهم على معيشتهم الجديدة, من أثاث وفرش وأدوات طبخ وخلافه، وما إن ابتدأت الدراسة، وزالت عنهم رهبة البدايات، حتى انسجموا مع واقعهم الجديد، وانخرطوا في حياتهم العلمية، وكانت الدراسة في المعهد مكثفة، تسير على فترتين في اليوم، أحداهما من الساعة الثامنة صباحا إلى الساعة الواحدة ظهرا، ثم تستأنف من الساعة الرابعة عصرا إلى الساعة الثامنة مساء، وكانت الدراسة على مدى الأسبوع، فلم تكن العطلة الأسبوعية إلا يوم الجمعة فقط، وتستمر الدراسة طوال العام الدراسي الواحد، لا يتخللها أي إجازات فلا يوجد إلا إجازة نهاية العام الدراسي، فينقطع الطالب عن أهله طوال العام الدراسي، ولا تتوفر مواصلات ولا اتصالات، ولا يعلمون شيئا عن أخبار أهلهم، وأهلهم كذلك ، إلا ما يصلهم من أخبار بسيطة شفاهة، أو برسائل خطية نادرة ، تصلهم مع بعض من ينزلون إلى جيزان من حين إلى آخر وهم قلة ، أما من موظفي مركز الأمارة، أو بعض التجار أومن الأعيان والمشايخ الذين لهم ارتباط أو مراجعة في بعض الدوائر الحكومية في جيزان، كشيخ الشمل حسن بن علي رحمه الله، أو الشيخ حسن بن يحي رحمه الله، أو القاضي علي بن قاسم حفظه الله وغيرهم. فكانوا يعيشون فترات طويلة في انقطاع شبه تام عن أهلهم ، وكم عانوا من الغربة ومشاقها، ومن صعوبة اعتمادهم على أنفسهم في شؤونهم الخاصة والعامة، من توفير متطلباتهم المعيشية والدراسية، فهم من يقوم بالطبخ وغسل الثياب وكل ما يلزم ، ولما كانت تصرف لهم في المعهد مكافأة شهريا تقدر بمبلغ مائة ريال ، فقد كانت تكفيهم وتعينهم على أمورهم المعيشية ، فهي في ذلك الوقت مبلغ كبير، تغطي حاجتهم فلا يكلفون أهلهم شيئا منها، وكمثال على مقدار قيمة هذا المبلغ فان إيجار البيت الذي يسكنونه لا يتجاوز سبعة عشر ريالا في الشهر. لم يمضي طويل وقت حتى تعرفوا على محيطهم، وعلى نظام المعهد، والأنشطة ألا منهجية التي تقام فيه، فكانوا يمارسون بعض الأنشطة التي لا تتعارض من دراستهم ، لذلك أحب لعبة كرة الطائرة وعشقها ، وان كان قد مارسها في الابتدائية بصورة محدودة ، لأنها اللعبة الوحيدة المتوافقة مع طبيعة البلدة الجبلية وصغر المساحات فيها ، ولكنه هنا مارسها بشبه احترافية ، فأبدع فيها وأصبح من لاعبي المعهد الأساسيين، يشارك في الفريق الذي ينافس داخل وخارج المعهد ، ويتفوق على أكثر الفرق من المدارس الأخرى ،في مدينة جيزان وفي صبيا وأبي عريش ، وقد حاز فريق المعهد على العديد من البطولات في هذه اللعبة، وتغلب على فرق الثانوية العامة في جيزان، والمعهد الزراعي ، وفرق المدارس المتوسطة في صبيا وأبي عريش، وكانت تقام بينها الكثير من البطولات الدورية، وتقام المباريات في ملعب المدرسة وفي ميدان المطلع في جيزان ، وفي الملاعب داخل المدارس في صبيا وأبي عريش. ومن الصعوبات التي واجهوها، انه تزامن في تلك الفترة قيام ثورة الجمهورية اليمنية ، التي كانت تدعمها جمهورية مصر، وبسبب هذه الثورة قامت معارك مع الملكيين هناك ، وحدثت اضطرابات في المناطق المجاورة من المملكة العربية السعودية ، بل ونالها الكثير من التجاوزات والاعتداءات ، حيث تعرضت عديد من المدن ومنها جيزان للاعتداء وقصف الطيران لها ، مما ادخل الخوف والفزع على قلوب الأهالي ، فكانوا يولون هاربين إلى خارج البلدة ، وتعطل الأعمال والدراسة بسبب هذه الاعتداءات، إلى أن يهدئ الوضع من جديد ، وقد عان هولاء الطلاب كغيرهم بسبب ذلك ، ولكن الله لطف وسلم ، وكان أهلهم في المقابل يعيشون نفس الخوف والقلق عليهم ، ولكن التصبر وجميل الدعاء كان يدخل الأمن إلى النفوس، والحياة هكذا لا تخلو من المنغصات والابتلاءات ، ولكنها تمضي وتستمر لا تتوقف لأي حدث مهما عظم واشتد. ما أسرع ما مضت وانتهت السنين، بذل فيها الكثير من التعب والجد ، وحمد في النهاية نتائج هذا الصبر ولاجتهاد ، وأحس بالراحة لنوال ما كان يحلم به ، من النجاح والتفوق الدراسي ،وتجاوز كل المعوقات والصعوبات ، والتي يستعيدها اليوم ذكرى من أبدع الذكريات، وعادة أحلى الذكريات ما كان منها قد شابه شيء من التعب والنصب ، بل هي الذكريات الوحيدة التي تحتفظ بها الذاكرة ولا تكاد تنساها. بل إن في ابتعاد الشاب عن أهله لفترة من الزمن في بداية حياته ، يكون لها العديد من الفوائد والآثار الايجابية ، في بناء الشخصية ، واكتشاف الذات، وزرع الثقة في النفس، وقد تحقق له الكثير من ذلك ، فبالإضافة إلى المردود العلمي والنفسي والثقافي ، حيث تفتحت مداركه على الكثير من العلوم والمعارف الجديدة ، واكتسب العديد من الخبرات الجيدة ، سواء ما كان داخل أسوار المعهد أو في خارجه ، وفي ميادين التنافس الكروي ، وفي التجارب اليومية التي عاشها ، وفي أسفاره وغربته وبعده عن أهله، وفي اختلاطه بالآخرين ، وفي اعتماده على نفسه في تسيير أموره ومتطلباته المعيشية الخاصة، فتكونت لديه من كل ذلك ايجابيات عظيمة ، اكتشف من خلالها مواهبه وقدراته ، واتخذ له شخصية مستقلة، وتعرف على العالم خارج محيط بيئته الجبلية المعزولة . مضت ثلاث سنوات ، بحلوها ومرها ، بيسرها وعسرها، وكأنها أحلام يتمنى ألا تنتهي ، فهاهو العام الدراسي1384/1385هـ قد انقضى ، وأعلنت نتائج المعهد النهائية ، فكان من ضمن الناجحين المتخرجين، يستلم شهادته ليكون مؤهلا للتدريس في المرحلة الابتدائية. فهل انتهت الدراسة بعد تخرجه ،وقد تعيين معلما ، لا لم يتوقف عن طلب العلم، والاستزادة منه ، فطالب العلم الحقيقي لا يكتفي بالشهادة فحسب، ولا يقف عند حد معين ، بل تزيد لهفته واحتياجه للعلم ، لذلك كان يستغل كل فرصة تتاح أمامه ، فكانت متعته الحقيقية في القراءة ، يقتني العديد من الكتب ، في كل الفنون والمعارف ، يصرف جل وقته بينها ومعها ، يسعى لزيادة حصيلته العلمية ، وبناء مخزونه الثقافي والمعرفي ، فلا تخلوا القراءة من إضافة معلومة جديدة ، أو اقتباس قاعدة مفيدة، أو تعلم شيء ينفعه . ومن اهتباله للفرص في طلب العلم ، انه لما كانت المدرسة بجوار المحكمة الشرعية ، فقد رغب إلى فضيلة القاضي علي بن قاسم حفظه الله، أن يخصص له شيئا من وقته، يعطيه فيها بعض الدروس في اللغة العربية وفروعها ، لتعشّقه لهذا العلم وشعوره بأهميته ، فكان لا يجد فسحة من وقته إلا وأسرع إلى الشيخ، فإن وجده فارغا جلس إليه، أو تأخر في العودة إلى البيت بعد الدوام ، ليجلس معه قليلا في العصر أو بعد المغرب ، فاستفاد من هذه الأوقات كثيرا، وزاد حبا وتعلقا باللغة العربية وآدابها , فلما استقر القاضي محمد بن هادي الفضلي (الدرابة) (رحمه الله) في فيفاء بعد قيام الثورة في اليمن، وكان ضليعا في اللغة العربية وعلومها ، كان يتردد عليه ويجلس معه ، وتلقى منه الكثير من الدروس النافعة في اللغة وفي العديد من العلوم الشرعية . في عام 1402هـ جرى تفريغه، وانتدابه لإكمال دراسته في المعهد التكميلي في مدينة الطائف، الذي خصص للمعلمين أمثاله، من خريجي معاهد إعداد المعلمين المتوسط ، وكانت الدراسة فيه لمدة ثلاث سنوات، وهي تعادل الآن الدبلوم في الكليات المتوسطة، وتخرج من هذا المعهد ونال شهادته في العام 1405هـ . عمله الوظيفي : بعد تخرجه مباشرة من معهد إعداد المعلمين بجيزان، في العام الدراسي 1384/1385هـ ،جرى تعيينه معلما في مدرسة النفيعة بفيفاء (مدرسته التي تخرج منها) كأول معلم يتبع وزارة المعارف في فيفاء من أبنائها، وكان لهذا التعيين صدا كبيرا بين الأهالي، غيّر الفكرة السلبية نحو المدرسة في المجتمع، ولم يعد احد يقوى على القدح فيها ، وان حاول فلن يسمع منه احد، فنتاجها ماثل بينهم على خير صورة وخير مثال ، فكان تخرجه وتعيينه في المدرسة من اكبر الآثار ايجابية في المجتمع ، بلغت أعلى درجات التقدير لدى الناس ، وأزالت كل القناعات السلبية والترسبات التثبيطية ، وجعلتهم يقبلون على تسجيل أبنائهم دون تردد ، وأحلام معظمهم أن يرى ابنه على هذا المثال ، ونتيجة الإقبال المتزايد لم تعد المدرسة تفيء باستيعاب كل المتقدمين من أنحاء فيفاء ، مما تطلب إحداث المزيد من المدارس ، فاحدثت مدارس ابتدائية في كل من نيد آبار والخشعة والعدوين وغيرها وغيرها، حتى غطت كامل مناطق فيفاء، كما هو عليه الحال الآن، وبجميع مراحل التعليم العام ، والحمد لله والشكر له. خاض تجربته الأولى في التدريس، وكلف بتدريس الصف الأول الابتدائي ، وكانت تجربة ناجحة استفاد منها عدة دروس ، منها الصبر والتحمل وطول النفس، وكيفية فهم نفسيات الصغار واستيعابهم، والأسلوب المناسب والأمثل للتعامل معهم، مما كان له اكبر الأثر والمردود الايجابي عليه فيما بعد، مما سنستعرضه في نظراته التربوية التالية بمشيئة الله، وفي السنة التالية درّس الصف الرابع، في المادة التي يحبها ويميل إليها ، مواد اللغة العربية ، وكان يتقنها ويطرب لها ، وكان تأسيسه فيها جيدا حتى قبل أن يدخل المدرسة الابتدائية ، كما ذكرنا سابقا، واستمر في السنوات التالية يكلف بتدريس هذه المادة المهمة ، في الصفوف العليا في الخامس والسادس، وهذا دليل تمكنه منها وحبه لها ، مما كان له اكبر الفائدة على طلابه ، واستمر على هذا المنوال معلما لما يقارب الخمس سنوات، تنقل خلالها في أكثر من صف، وأكثر من مادة، ودرّس أعدادا كبيرة من الطلاب. ولنشاطه وتميزه، وحسن تعامله، وشخصيته القيادية البارزة ، فقد كلف في حوالي عام 1390هـ بالعمل وكيلا للمدرسة، إضافة إلى عمله كمعلم ، حيث كان يقوم بهما جميعا، فيدرس بعض المواد، إضافة إلى عمله وكيلا للمدرسة . وفي هذه الأثناء وبالتحديد في عام 1387هـ، كانت قد انتقلت المدرسة من مبناها القديم إلى المبنى الجديد، الواقع بجوار سوق النفيعة ، وهو مبنى مهيأ ومناسب ، مما كان له الأثر الطيب، والمحفز القوي لمنسوبي المدرسة من معلمين وطلاب، وانعكس ايجابيا على نفسياتهم ، ورفع من معنوياتهم. ابتدأت المدرسة تتخذ لها دورا مهما وكبيرا في المجتمع، والتف حولها الناس، حيث استقطبتهم بما تقدمه من أنشطة وبرامج منهجية ولا منهجية، فيها الكثير من البرامج التوجيهية والإرشادية والترفيهية، وبث الوعي بين معظم فئات المجتمع ، وأحدثت فيها فصول لمحو الأمية، استقطبت العديد ممن فاتهم ركب التعليم في الصغر ، وكان إقبال الناس عليها عظيما ، حتى انه التحق بها العديد من كبار الشخصيات القيادية في البلد ، وفي مقدمتهم أمير المركز الشيخ سليمان بن عبد الله البشري (رحمه الله)، و الاستاد سالم بن حسن عابدين مأمور المالية (رحمه الله)، وكاتب مركز الأمارة الاستاذ علي بن محمد غبري (رحمه الله) والكاتب في المحكمة الشرعية العم مفرح بن قاسم (حفظه الله) والعديد من الموظفين والاخوياء ، وقد اخذ معظمهم شهادة المرحلة الابتدائية ، وفيهم من واصل تعليمه ، وكان هو احد مدرسي هذه الفصول، وما زال يفخر بمشاركته في هذه البرامج الليلية ، وكان معظم من التحق بها يتقنون القراءة والكتابة من قبل ، ولديهم حصيلة علمية كبيرة ، ولكن كان الدافع لأكثرهم هو الحصول على الشهادة الرسمية . في عام 1392هـ كلف بان يكون مديرا لمدرسة النفيعة الابتدائية ، وقد استمر في قيادتها على خير وجه إلى تاريخ 28/10/1394هـ ،قادها فيه من نجاح إلى نجاح ، وفي هذا التاريخ كلف بإدارة مدرسة العدوين الابتدائية، واستلم إدارة مدرسة النفيعة الاستاذ حسن بن فرح الفيفي، عندما انتقل الى فيفاء قادما من ابها . انتقل لإدارة مدرسة العدوين الابتدائية ، والتي احدث فيها عام 1400هـ مرحلة متوسطة، واستمر مديرا لهاتين المدرستين إلى عام 1415هـ ، تخللها سنوات انقطاع لمدة ثلاث سنوات،حيث فرغ من عام 1402هـ إلى عام 1405هـ ، للدراسة التكميلية في مدينة الطائف كما أوضحنا سابقا. في عام 1415هـ طلب الانتقال إلى مدينة مكة المكرمة، رغبة منه في العيش لفترة بجوار البيت الحرام ، فلما باشر العمل في إدارة التربية والتعليم بمكة المكرمة ، تم توجيه إلى المدرسة الصولتية، وهي مدرسة أهلية جامعة، أنشئت في نهاية القرن الثالث عشر الهجري ، حيث قام بتأسيسها الشيخ محمد رحمت الله الكيرانوي (رحمه الله)، احد كبار علماء الهند الذين استقروا بمكة المكرمة، حيث اقنع إحدى ثريات الهند السيدة (صولت النساء بيغم) رحمها الله، فتبرعت بمبلغ كبير لأجل بناء مدرسة في مكة المكرمة ، فانفق منه على تأسيس هذه المدرسة، حيث قام بشراء الأرض ثم بناها ، وافتتحها في 14/1/1291هـ، وأطلق عليها اسم المدرسة الصولتية (نسبة إلى اسم المتبرعة صولت النساء) ، وتطورت الدراسة فيها على مدى قرن ونصف تقريبا ، إلى أن وصلت إلى ما هي عليها اليوم، حيث تحتوي الآن على المرحلة الابتدائية والمرحلة الثانوية والمرحلة العالية، ومدة الدراسة في المرحلة العالية سنتان، تخرج المؤهلين للقضاء والدعوة والتدريس، ومعظم طلابها من خارج المملكة من أنحاء العالم الإسلامي، من شرق وجنوب شرق أسيا ،ومن إفريقيا وغيرها، ويوفر للطلاب فيها السكن والإعاشة والمكافآت ، ويصرف عليها من الأوقاف الخاصة بها ، ومما تدعمها به الحكومة السعودية ، ولها نظامها الإداري والتعليمي الخاص بها ، وتشرف عليها وزارة التربية والتعليم كغيرها من المدارس الأهلية ، وتعينها ببعض المعلمين، ويوجد في سجل الزيارات بها انه زارها جلالة الملك عبد العزيز آل سعود رحمه الله في تاريخ 28/6/1344هـ وأثنى عليها. بقي يدرس في المدرسة الصولتية الأهلية لمدة ستة أشهر، ثم انتقل منها إلى مدرسة عبادة بن الصامت الابتدائية، في حي الزاهر بمكة المكرمة حيث كان قد اتخذ له سكنا في هذا الحي ، وبقي في هذه المدرسة إلى عام 1417هـ ، ثم طلب النقل إلى منطقة عسير، وفيها وجه للعمل في مدرسة عبد الله بن حذافة الابتدائية بخميس مشيط، وفي عام 1421هـ طلب النقل إلى مدرسة عبادة بن الصامت الابتدائية، بحي النميص بابها ، حيث مقر سكنه، وبقي في هذه المدرسة حتى أحيل على التقاعد في تاريخ 1425/7/1هـ لبلوغه السن النظامي للتقاعد ، وبلغت مجموع خدماته أربعون سنة . تجاربه وخبراته: اكتسب الكثير من التجارب والنجاحات والخبرات، في المجالات العلمية والتربوية والاجتماعية، اكتسبها من خلال السنوات الطويلة التي تعايش فيها مع مهنة التعليم (اشرف المهن واجلها)، ومما عرفته من تجاربه الناجحة، وكنت استشهد بها في كثير من اللقاءات الخاصة والعامة، والتي تدل على تميزه، حيث جعل مدرسة العدوين تتفوق على معظم مدارس فيفاء ، بل ومعظم مدارس المنطقة بكاملها، يشهد لها كل منصف ،وقد خرّجت الكثير من الكوادر المتفوقة، وكان طلابها يتميزون بعدة مميزات، فاقت فيها بقية المدارس المماثلة ، مما جعل العديد من الآباء يحرصون على أن يكون أبنائهم من طلاب هذه المدرسة ، ويحولون أبنائهم من المدارس الأخرى إليها ، حتى وصل الأمر إلى أن المدرسة لم تعد تستوعب كل طلبات التحويل ، مما اضطره إلى الاعتذار للكثير منهم ، واذكر أني سألته مرة عن سر تفوق المدرسة، وكان ذلك في حوالي عام 1410هـ تقريبا ، وفي إجابته نلحظ التميز له كمدير ينشد النجاح ، ولديه الاهتمام والعبقرية والنصح في انجاز ما أوكل إليه من عمل ، حيث اكتشف أهمية التركيز على المراحل الأولية في المدارس الابتدائية، وطبقها في مدرسة العدوين قبل أن تطبقها وزارة المعارف بعدة سنوات، فيقول عن هذه التجربة : (احرص من البداية على اختيار أفضل المعلمين للمدرسة ، حيث اجري لهم اختبارات، أتعرف من خلالها على قدرات كل معلم قبل أن اقبله في المدرسة ، وحتى من اخترته ثم اكتشفت انه لم يكن على ما كنت أود، سعيت مباشرة إلى استبداله ، والمسؤولون في إدارة التعليم قد عرفوا طريقتي، فكانوا يستجيبون لطلبي دون تردد ، ويستطرد قالا: أركز على الصفوف الثلاثة الأولى، فاختار لها أفضل المعلمين في المدرسة ، من أكبرهم سنا وأكثرهم خبرة، وأوسعهم بالا وأكثرهم صبرا وجلدا ، وأكلفه بتدريس الصف الأول الابتدائي ، الذي أكون قد حذفت فيه كامل المواد عدى مادة القراءة والكتابة ، على مدى فترة الفصل الدراسي الأول، فلا يدرس الطالب في هذا الفصل إلا مادة القراءة والكتابة، بل وزيادة كنت استعين بمادة القراءة والكتابة الخاصة بمدارس البنات، لأنها حينها كانت تركز على معرفة الحرف ثم تنطلق منه إلى الكلمة، وهي الطريق التقليدية المناسبة لتعليم المبتدئ ، بعكس ما كان في مقرر مدارس البنين ، الذي ينطلق فيه من الكلمة إلى الحرف ، مما يصعب ويستعجم على معظم الطلاب ، بل ويقول اعرف أن كل ما كنت أقوم به، فيه مخالفات للتعليمات ، ولكن غايتي في مصلحة الطالب كانت تبرر لي الوسيلة ، فالطالب إذا تمكن من القراءة والكتابة بمهارة ويسر، سهل عليه إتقان كل المواد الدراسية، واعتمد على نفسه في الاستذكار، وسهل عليه الفهم والاستيعاب ، والثقة بالنفس ، بعكس الطالب الضعيف الذي لا يحسن القراءة والكتابة ، فلن يستطع الاعتماد على نفسه، إذ لا بد أن يستعين بغيره على فهم دروسه ) وهذه نظرة تربوية، اكتسبها من خلال تعايشه وخبراته الطويلة، وتفكيره الجاد، وشجاعته على تنفيذ ما يؤمن به دون تردد أو خوف ، وقد أثبتت التجارب والدراسات العلمية نجاحها، حتى انه اخذ بها وطبقت رسميا كما هو الحال الآن. وفي أثناء عمله في منطقة عسير، تعرّفت إدارة التربية والتعليم على نجاحه وأسلوبه المتميز في تدريس حصة القرآن الكريم ، حيث اسند إليه تدريس هذه المادة ، في مدرسة عبد الله بن حذافة بخميس مشيط ، فلفت نظر إدارة المدرسة بأسلوبه المتميز فيها ، وتحسن طلابه وإبداعهم في قراءة القرآن الكريم ، لذلك كانت إدارة التربية والتعليم تعقد لمعلمي هذه المرحلة العديد من الدورات ، وتستضيفه ليحاضر عن طريقته ، والأساليب المناسبة لتدريس القران الكريم . ومن أمنياته في هذا المجال، أن يعود مستوى الطلاب إلى ما كانوا عليه سابقا، من إجادة تلاوة القرآن الكريم بشكل عام، وحسن القراءة وجودة الخط ، ويرى أنه يلزم لذلك إعداد المعلم الإعداد الجيد القوي في كليات التربية والكليات العلمية ، لأنه إذا كان المعلم متميزا في تأسيسه في علوم اللغة العربية والقرآن الكريم ، انعكس ذلك على طلابه ورفع من مستواهم وتحصيلهم العلمي في كل المواد، وكل التخصصات والعكس بالعكس. وكما تعرفنا سابقا من انه كان احد نجوم كرة الطائرة، في معهد إعداد المعلمين في جيزان ، فانه لما تعين معلما في فيفاء، أشاع ممارسة وحب هذه اللعبة بين ناشئتها ، مما جعلهم مبدعون في هذه اللعبة، فكانت تمارس بكثرة في مدرسة النفيعة الابتدائية، في أثناء حصة الرياضة، وفي الفسح الكبيرة، وحتى بعد نهاية الدوام الرسمي ، وتقام المنافسات الدورية فيها بين الطلاب مع بعضهم، وحتى مع معلميهم، ولما فتحت المدارس الابتدائية في نيد آبار والخشعة ، كانت تقام بين الطلاب في هذه المدارس المنافسات والدوريات المتعددة، فيتبادلون الزيارات ،وتعقد بينهم المنافسات الرياضية، والأنشطة ألا منهجية المتعددة ، وسار على ذلك في مدرسة العدوين، مما جعلها تتربع في القمة على بقية المدارس في هذه اللعبة. وقد مارس العديد من الأعمال التي كلف بها، حتى خارج نطاق عمله التربوي في المدرسة ، فقد أسندت إليه إدارة التعليم في منطقة جازان، صرف رواتب المعلمين والموظفين الشهرية في مدارس فيفاء ، ومكافآت الطلاب بها (حيث يصرف للطلاب مكافآت شهرية كغيرها من المناطق النائية) ، وكان يلزمه القيام بجولات في نهاية كل شهر يطوف على كامل مدارس القطاع ، وكانت حينها مشيا على الأقدام، قبل شق طرق السيارات، واستمر على ذلك لسنوات طويلة ، وهذا دليل تميزه ونجاحه. وأما خارج نطاق المدرسة، فله حضوره المميز في المجتمع ، يلجئ إليه كثير من الناس في أمورهم الخاصة والعامة ، وفي حل مشاكلهم وجلب مصالحهم، وكان والده (رحمه الله) ينيبه عنه في الحضور بدلا عنه في كثير من الاجتماعات ، والسعي في مصلحة القبيلة ، فهو مكان ثقة أبيه وجماعته، يمثل والده ويعتمد عليه كثيرا . وبعد تقاعده استقر في مدينة أبها وما زال فيها، وقد أعلمني انه يعمل على تسجيل ذكرياتها وتجاربه وخبراته الطويلة، ليستفيد منها الآخرون، حفظه الله ووفقه وأطال على الخير عمره، وكثر في مجتمعاتنا من أمثاله وبارك فيهم . حياته الاجتماعية : زوجته هي الفاضلة محسنة بنت حسن بن علي السنحاني المثيبي الفيفي، ولهما من الأبناء: 1. عبد الخالق معلم جامعي تخصص فيزياء. 2. عبد الله كاتب ضبط بمحكمة فيفاء. 3. خالد دبلوم حاسب ودبلوم انجليزي اعمال حرة . 4. وفاء طالبة بالجامعة. وختاما: لا يسعني إلا أن أقول : أطال الله عمره، وحفظه بحفظه ، وثقل بالحسنات موازينه، وجعل ما قدم رفعة له في الدنيا والآخرة ، كم افخر واعتز أنني احد طلابه، فقد عين في مدرسة ابتدائية النفيعة، وأنا احد طلابها، كنت ادرس في الصف الرابع الابتدائي، وان لم أنل شرف الدراسة المباشرة على يديه، ولكن نظرتنا له حينها كطلاب، نظرة مليئة بالاحترام والتقدير والإعجاب ، لحسن تعامله، ولطف ابتسامة، واشراقة وجهه ،وكمال حيويته ، فكانت تسعدنا كثيرا، وكانت تميزه عن بقية معظم المعلمين حينها ، مما جعلنا نفخر بتتلمذنا على يديه، فهو دفق من الحب والعطاء ، ومازال إلى اليوم لم يتغير ولم يتبدل ، فهو يبادل الكل محبة وودا ووفاء ، وكم ذكر لي أكثر من مرة، بأنه يحمد الله كثيرا على ما اختصه به، وما وهبه له (سبحانه وتعالى) من شرف أن يكون معلما، شارك في بناء مجتمعة وخدمة وطنه ، وتخرجت على يديه الكثير من الأجيال المتعاقبة ، يفخر بهم جميعا، ويعتز ويرفع بهم رأسه ، وبينهم الكثير ممن تفوقوا وتسنموا ارفع المناصب والدرجات العلمية العالية، ولهم المكانة والأدوار العملية والعلمية في خدمة دينهم ووطنهم وولاة أمرهم، وهم كثر ولله الحمد والمنة ، وقد عدّد منهم البعض واعتذر لمن غفل عن ذكر اسمه نسيانا لكثرتهم لا تجاهلا، وكان ممن ذكرهم : الاستاذ حسن بن سليمان المثيبي عضو مجلس منطقة جازان، وأخيه المهندس اسعد بن سليمان، والدكتور يحي بن هادي آل خفشة، والشيخ القاضي جبران بن سالم الظلمي، والاستاذ موسى بن محمد الداثري، وأخيه الاستاذ حسن بن محمد الداثري، والاستاذ محمد بن حسين الظلمي، والاستاذ عبد الله بن سليمان الظلمي، والاستاذ احمد بن عبدالله العمري ، والاستاذ الدكتور عبدالله بن احمد الخسافي عضو مجلس الشورى وعضو هيئة التدريس بجامعة الملك سعود، وأخيه الاستاذ عبدالرحمن بن احمد علي المحاضر في جامعة الملك خالد بابها، والاستاذ عبد الرحمن بن علي قاسم الموجه بوزارة التربية والتعليم ،وأخيه الاستاذ حسن بن علي قاسم المدقق المالي بوزارة المالية، والشيخ فرحان بن يحي علي الخسافي قاضي الاستئناف بديوان المظالم ، والدكتور سليمان بن حسين سليمان الخسافي، والاستاذ عبد الله بن جابر علي الابياتي المدقق في شركة ارامكو، والاستاذ عبد الله بن يحي حسن الابياتي والاستاذ محمد بن موسى احمد الابياتي والعقيد متقاعد هادي بن سليمان الداثري والعميد يحي بن محمد حسن السنحاني والدكتور موسى بن سليمان فرحان الخسافي والدكتور سلطان بن يحي محمد الخسافي والدكتور عبد الله بن ابراهيم علي الشراحيلي ،والاستاذ حسن بن حسين سليمان، والاستاذ يحي بن علي حسن، والدكتور حسين بن يحي سلمان الشريفي، والدكتور حسن بن يحي سلمان الشريفي، والاستاذ موسى بن يحي سلمان الشريفي، والاستاذ احمد بن مسعود عمر العمري، والاستاذ هادي بن مسعود عمر العمري، والمهندس حسن بن سلمان يحي الابياتي، والشيح يحي بن حسن يحي الخسافي، والشيخ سليمان بن حسن يحي الخسافي، والشيخ حسين بن حسن يحي الخسافي، والشيخ جابر بن حسن يحي الخسافي، والاستاذ سلمان بن سالم حسن الشراحيلي، والاستاذ علي بن احمد زيدان الخسافي، وكذلك اخوته المهندس احمد بن جابر جبران الخسافي الرئيس التنفيذي للعمليات بشركة زين السعودية ، والاستاذ سلمان بن جابر جبران، والاستاذ سالم بن جابر جبران وغيرهم الكثير والكثير ممن يعتز بهم، ويعتذر إلى الكثير ممن لم تحضره أسمائهم .
شامخ فيك الوفا فيفا كما *** شمخت منك الذرى بين السحب
أدام الله المحبة وأهل الخير والوفاء، وكثر بيننا أمثال هولاء العاملين الشرفاء، حفظ الله بحفظه استاذنا ومربينا الجليل، وختم له بالصالحات من الأعمال، واسكنه فسيح الجنات في المئال ، وجمعنا في مستقر رحمته وفسيح جناته، ووالدينا ووالديه، وأصلح لنا وله ولكم النية والذرية .
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته .
محبكم /عبد الله بن علي قاسم الفيفي أبو جمال الرياض في 29/1/1433هـ |
الاثنين، 8 أبريل 2013
الاستاذ حسين بن جابر الخسافي الفيفي
الاشتراك في:
تعليقات الرسالة (Atom)
رحمه الله رحمة واسعة فقد كان مربيا ومعلما ومراد وموجها بكل لكثير من طلبة العلم في تلك الحقبة الزمنية ..
ردحذفوقد كان حريصا على امدادنا كلما سنحت الفرصة بالمعلومات في كثير من العلوم والمعارف
وكان يعمل جاهدا على أن نكون على قدر كبير من الثقافة الاعلاميةوالرياضية والفنية والأدبية وأنني أتذكر انه قام بتطبيق نظام التقويم الذي لم تعتمد وزارة المعارف إلا بعد 34سنة وذلك عام 14 هجرية حيث كان افتتح مدرسةالعدوين الابتدائية بفيفا وتولى إدارتها
وذلك عندما وجد أن كثيرا من الطلبةالمستجدين يستطيعون قراءة القرآن الكريم بشكل جيد وبعضهم يحفظه تلاوة كاملا عن ظهر قلب مثل علي هادي الداثري وأخوه مبره هادي وحسين يحيى سلمان الشريف الذي هو اليوم دكتور استشاري واجراحةمسالك حيث قام رحمه الله بإستخداث صف ثاني ابتدائي وعمل لهؤلاء الطلبة اختبارتقييم اجتازه أكثر مطالبا بجدارة
وكان طبق ذلك النظام في المدرسةالابتدائيةالاولى التي كان يدرس بها قبل انتقاله إلى مدرسةالعدوين كان رحمة الله عليه حريصا مهتما متعهدا ومتابعات طلبته ليس داخل المدرسة
فحسب بل حتى في أوقات الإجازةالاسبوعيةوالفصلية وكان رحمه الله إنسانا بشوشا حافظا متدينا خلوقا شديدا الضبط والانضباط حازما رياضيا ومحللا وناقدا من الطراز الأول ولاعب متمكنا في الكرةالطائرة وكذا في كرةالقدم كان مهتما جدا بالاطلاع لدرجةانه كان حاضرا وبقوة في كل المجالات رحمةالله عليه وعلى متوى المسلمين وان يجعل كل جهد بذله وكل حرف علمه وكل معلومةأفاد بها في ميزان حسناته وضاعفها له أجرها وبارك في خلفته واخوته وأسرته وصلى الله على سيدنا محمدعلي آله وصحبه وسلم وآخر دعوانا ان الحمدلله رب العالمين
رحم الله والدي واسكنه فسيح جناته .وجعل ماقدمه في موازين حسناته .
ردحذف