آل المشروم (المشرومي) من البيوتات العريقة في قبيلة آل المثيب، والمشروم الذي يعرفون به هو اسم بيت جدهم يحي بن علي، الذي يقع في الجانب الغربي من الجبل الأعلى بفيفا، ومازال البيت معروفا بهذا الاسم هو وبقية بيوتهم هناك كحُقيقة، وأما بقية بيوتهم فتقع في ذراع آل يحي علي، وحتى لا يحدث لبس فليس يحي بن علي المشرومي المذكور أعلاه، هو من ينسب له اسم الذراع (ذراع آل يحي علي)، فيحي بن علي المنسوب إليه الذراع يعود نسبه إلى قبيلة آل سلمان، وأما المشرومي كما نعلم فهو من قبيلة آل المثيب كما أسلفنا ، فآل المشروم مشهورون في ذراع آل يحي علي بأنهم أهل حمزة، وهي من بيوتهم الأساسية.
اسرة آل المشروم اسرة علم وفضل، برز منهم في هذا المجال على مدى القرن الماضي مجموعة مباركة، كان لهم العديد من الأدوار التعليمية والتنويرية، ومن أبرزهم سلمان بن يحي، الذي ولد في بداية القرن الثالث عشر الهجري، وكان يعرف براعي حمزة (حمزة العليا)، التي باعها فيما بعد وجميع أملاكه هناك ، واستقر في الغربي في البيت الأساس (المشروم) ، وبنى بيته الآخر المجاور(حُقيقة)، وخلّف أربع أبناء هم (محمد واحمد وقاسم ويحي) ، ولهم العديد من الأبناء والأحفاد، رحم الله من مات وبارك في الباقين،وكان لسلمان بن يحي هذا معلامة يعلم فيها القرآن الكريم، وممن تعلم على يديه الفقيه حسن بن احمد آل خفشة، فيذكر انه ختم القرآن على يديه (رحمهما الله) ، واشتهر من هذا البيت بالعلم كذلك أخيه حسن بن يحي، المشهور براعي حمزة (حمزة السفلى)، وكذلك أخيهم علي بن يحي (جد صاحب السيرة)، ثم ولد راعي حمزة جابر بن حسن يحي، الذي خلف والده ، وكذلك احمد بن حسين يحي، ثم صاحب هذه الترجمة، سليمان بن احمد بن علي بن يحي ،وقد درس الجيل الأول منهم في هجر العلم في اليمن في قطاير وضحيان وصعدة وغيرها، وكذلك جابر بن حسن . أما الجيل التالي احمد بن حسين وسليمان بن احمد، فقد تعلموا في مدارس ابائهم في حمزة ، ثم خلفوهم يعلمون الأجيال ويودون دورهم بكل اقتدار،إلى أن انتشرت المدارس الحديثة في العصر الحاضر، وافتخر أنني ممن درس ولو لفترة بسيطة عند المعلم سليمان بن احمد المشرومي (حفظه الله)، في مدرسته الكائنة بجوار بيته (الثاهر) في ذراع آل يحي علي ، ومع قصرها إلا أنها كانت تجربة استفدت منها الكثير (جزاه الله عنا كل خير) . كان ذلك في احد عطل المدرسة الصيفية لأحد الأعوام (1384 أو 1385هـ )، حيث كنا ننطلق صباحا من النفيعة وما جاورها مع بزوغ الشمس، في مجموعة من الصغار تتجاوز العشرة، وتكون طريقنا إليها من (زقاق) المغاشي، ومن (القعاد)، والعارف ومن فوق بيت (المهلل)، وهناك تنقسم الطريق إلى فرعين يوصلان إلى الهدف، احدهما من جوار بيت (المشعل)، ومن (سهلان) ومن فوق (خيران) إلى (حمزة)، ونمر من فوق (القحيزة)، ومنها إلى هدفنا بيت ((الثاهر))، وأما الطريق الآخر، وكان الأفضل لنا وان كان ابعد واخطر، ولكن لما نجنيه خلال الطريق من مصالح سأذكرها عسى الله أن يغفرها لنا ، فالطريق يمر على (المبعمة) وهي معين ماء غزير، تسمع خرير الماء ونقيق الضفادع قبل أن تصل إليه بمسافة كبيرة، ولكثافة أشجاره فهو مظلم يخشى الصغير اجتيازه بمفرده، وهذه الأشجار تتكون من أشجار طبيعة كبيرة كالتألق والإبراء، وأشجار مثمرة كالبن والموز والفركس، فإذا ما وجدنا بعض اقنا الموز قد طابت، أو الفركس قد نضج، فلا نتورع عن اخذ شيء منها، ليكون اداماً لغدائنا في المدرسة، لان كل طالب يكون قد احضر معه كسرة من الخبز، هي الغداء ولا شيء غيرها ،وتحضّر زوجة المعلم إبريقا كبيرا من قهوة القشر، فما بالكم إذا ظفر الواحد بحبة موز أو حبة فركس (قمة الروعة والهنا) ، لقد كانت مزرعة الموز هذه ملك (سلمان بن اسعد المثيبي رحمه الله) الذي يسكن في بيت المشعل، المطل على هذا المكان ،ولكنها تحجب تحركاتنا عنه كثافة الأشجار، فكان لكبر سنه يكتفي بالصعود فوق بيته رافعا صوته كأنه يرانا، ويحذرنا بأنه سيخبر المعلم بسرقتنا لموزه، ومع ذلك لا نخرج خالي الوفاض، غفر الله لنا وله ورحمه واسكنه فسيح جناته ،وأما الفركس فكان لأحمد اسعد راعي سهلان (رحمه الله) وكان الظفر بشئ من فركسه شبه مستحيل ومع ذلك فنجد بعض الفرص. الطريق من بعد المبعمة يمر من فوق (غيلان)، وتحت (خيران) ومن تحت (اللبابة) ومن تحت (القحيزة) ومنها إلى بيت (القلعة)، ونلتف يمينا لنصل إلى مقر المدرسة ((الثاهر))، وكان التعليم قاصرا على حفظ القرآن الكريم، وتبدأ الدراسة من طلوع الشمس مباشرة ،وكان مقر المدرسة تحت شجرة المنقا، التي يطلقون عليها (عنب كوع)، المجاورة لمنزل المعلم ، وهي شجرة كبيرة ظليلة، فإذا ما حان وقت الظهر، تقلص الظل تحت الشجرة ، فيدخلنا المعلم إلى بيته ، وتستمر الدراسة لا يتخللها إلا فترة الصلاة والغداء إلى قبيل المغرب ، ثم ننصرف راشدين إلى بيوتنا بأحد الطريقين المذكورين ، ونحن نردد (اللهم اغفر لنا ولمعلمنا ولمعلم معلمنا ولوالدين ولوالديه ...) فمن هو معلمنا هذا غفر الله له ولوالديه، وحفظه بحفظه، وختم له بالصالحات من الأعمال والأقوال، وجمعنا وإياه ووالدينا ووالديه ووالديكم ،وكل المسلمين في جنات النعيم .
انه الشيخ الفاضل /سليمان بن احمد بن علي بن يحي المشرومي المثيبي الفيفي
![]() والده كما ورد في النسب احمد بن علي، وأمه هي الفاضلة/ مريم بنت سالم آل مذهنة الابياتي الفيفي . ترعرع في حضن والديه، ولما ناهز السابعة في حوالي عام 1361هـ تقريبا، وأصبح قادرا على الوصول إلى بيت جده حمزة، الواقع فوق بيتهم مباشرة بحوالي ثلاثمائة متر ، ألحقه والده بالمعلامة القائمة هناك ، ومعلمها (جده) عم أبيه الشيخ حسن بن يحي علي المشرومي، الذي فرّغ نفسه لتدريس الصغار القرآن الكريم ، باجرة شهرية مقدارها ريال واحد على الطالب، وقد استمر في هذه المدرسة لما يقارب العامين. لما زار فيفا فضيلة الشيخ عبد الله بن محمد القرعاوي (رحمه الله)، في حوالي عام 1363هـ ،أسس فيها أول مدارسه، مدرسة النفيعة بجوار مركز الأمارة ، وكلف فضيلة الشيخ محمد بن يحي القرني بالتدريس فيها ، والتحق بها العديد من الطلاب، وكان من ضمنهم سليمان بن احمد صاحبنا ، وكان التدريس فيها يشمل مع القرآن الكريم علوم التجويد والتفسير والتوحيد والفقه والحديث وغيرها من العلوم النافعة ،وقد استمر فيها إلى أن توقفت بعد أكثر من سنتين، وخرج منها بحصيلة علمية لا باس بها ، فكان ما ناله حافزا له على التعلق بالعلم ، ولكنه لا يستطيع السفر إلى مضانه في صامطة وغيرها لصغر سنه ، ولكنه سعى إلى تثقيف نفسه بالقراءة في الكتب المتاحة، وانشغل بالعمل وتحصيل الرزق في مزرعتهم، الحرفة السائدة في تلك الفترة , فالكل لا بد أن يكدح ويعمل ليحصل على قوته الضروري ،ولكن عشقه الأول كما ذكرنا العلم الذي ما زال يحلم به ، ولم يخب أمله حيث أتيحت له الفرصة مجددا ليحقق ذاته فيه، ولكنه معلم وليس طالب، وذلك عندما تجدد انتشار مدارس العلم السلفية من جديد في فيفا، على يد فضيلة الشيخ الداعية عبد الله القرعاوي (رحمه الله) عندما وجد كامل الدعم لهذه المدارس من جلالة الملك سعود (رحمه الله) لما اطلع على مدى تأثير هذه المدارس الايجابي على أبناء هذه المنطقة، وانتفاعهم بها، واطمئنانه على صحة التوجه فيها ، فأمر (رحمه الله) باعتماد ميزانية سنوية خاصة لهذه المدارس ، لذلك نشط فضيلة الشيخ في التوسع في افتتاحها، وإيصال التعليم لكل محتاج إليه في مقر إقامته بقدر المستطاع ، فعمت المدارس معظم مدن وقرى المنطقة الجنوبية، بل امتدت من الطائف شمالا إلى أقصى الحدود مع اليمن جنوبا، وقد نالت فيفا حظها الوافر من هذه المدارس، حتى إنها بلغت ثماني عشرة مدرسة ومدرستي بنات، وساعد على انتشارها بهذه الكثافة في فيفا، ما بذله الوالد فضيلة الشيخ علي بن قاسم قاضي فيفا آنذاك، وهو احد طلاب فضيلة الشيخ القرعاوي،حيث اسند إليه شيخه مهمة الإشراف على هذه المدارس في فيفا وبني مالك، ومتابعتها والقيام على نشرها في الجهات المحتاجة، وتعيين المعلمين المناسبين للتدريس فيها، لذلك كانت من ضمن هذه المدارس مدرسة مروح، بجوار بيت شيخ شمل فيفا حسن بن علي (رحمه الله) ومقرها جامع مروح ، وكان المعلم فيها هو المعلم الشاب النشيط سليمان بن احمد المشرومي ،وقام على هذه المدرسة خير قيام، والتحق بها مجموعة طيبة من الطلاب، كان من ضمنهم ولدي شيخ الشمل الكبار (محمد) و شقيقه (علي) شيخ شمل فيفا حاليا (حفظهما الله)، وقد استمرت هذه المدرسة لما يقارب الخمس سنوات، إلى أن فتحت مدرسة النفيعة الابتدائية في عام 1377هـ، حيث التحق معظم طلابها بهذه المدرسة المحدثة ،ومن ثم أغلقت المدرسة في هذا المكان . كانت المدرسة الابتدائية المفتتحة في المركز بالنفيعة، وهي لا تغطي إلا جزءا بسيطا من الاحتياج الفعلي، لمحدودية إمكانياتها، واستحالة الوصول إليها من معظم أجزاء فيفا المترامية، التي كانت ثمان عشرة مدرسة (مدارس القرعاوي)لا تغطيها بالكامل ،لذلك كان لزاما المحافظة على بقاء هذه المدارس بقدر الإمكان ، وبالذات في المناطق التي لا تستفيد من خدمات هذه المدرسة ، وبما أن هذه المدارس في تلك الفترة كانت تواجه الكثير من الصعوبات، أهمها تقلص الميزانية المخصصة لها من الدولة ، وذلك توافقا مع التوجه في التوسع في المدارس الحديثة التابعة لوزارة المعارف الناشئة، التي كان وزيرها آنذاك كأول وزير للمعارف، هو صاحب السمو الملكي الأمير (فهد بن عبد العزيز ) الملك وخادم الحرمين الشريفين فيما بعد (رحمه الله) ، مما اقتضى التقليل من دعم مثل هذه المدارس، وهذا جعل القائمين عليها يقلصونها بما يتوافق مع القدرات المادية المتوفرة ،وحرصا من الواعين في فيفا على بقائها لما تقوم به من أدور ليس عنها غنى، والى أن تحل محلها المدارس الحكومية الحديثة ، فقد سعوا بكل وسيلة إلى أن تواصل وتستمر بقدر المستطاع، لذلك كان لابد من إيجاد وسيلة يبقون بها على اكبر قدر من هذه المدارس، ومن هذا القبيل فقد استدعى فضيلة القاضي (علي بن قاسم) المعلمين في هذه المدارس، وحفزهم على الاستمرار فيها، سواء في أماكنها الحالية أو أي مكان آخر مناسب ، مما لم تصله خدمة المدرسة الابتدائية الحكومية القائمة، وحث الأهالي عن طريق المشايخ بان يفرضوا على كل طالب مبلغ بسيط شهريا ، ليكون عونا للمعلم ليتفرغ لمدرسته، وتم ذلك في معظم هذه المدارس ، وكان من ضمنهم المعلم سليمان بن احمد ، الذي تحمس للبقاء مواصلا للتدريس، في المدرسة التي افتتحها بجوار منزله، في ذراع آل يحي علي ، وخصص له على كل طالب خمس ريالات شهريا ، وبفضل الله ولما عرفه الناس من أهمية هذه المدارس كان الإقبال على هذه المدرسة وغيرها منقطع النظير، وكما ذكرت أعلاه في المقدمة فقد التحقت بها مع مجموعة من الطلاب، في احد العطل الصيفية ، حيث نأتي إليها من جهة النفيعة البعيدة ، فما بالك بالأقربين منها ممن لم يستطيعوا الالتحاق بالمدرسة الابتدائية ، لقد استمرت هذه المدرسة لما يقارب الخمس سنوات،حتى انقطع نهائيا الإقبال عليها ومثيلاتها للتوسع الكبير في افتتاح المدارس الابتدائية التابعة لوزارة المعارف، حتى وصلت لكل مكان كما نشاهده الآن والحمد لله. لذلك اضطر للبحث عن مصدر رزق، فكان أن تعين عام 1391هـ موظفا في بريد فيفا واستمر فيه إلى عام 1396هـ ، ثم التحق في عام 1406هـ موظفا في بلدية فيفا وبقي فيها إلى أن احيل إلى التقاعد في عام 1423هـ . حفظه الله وأطال في عمره على ما يحبه سبحانه ويرضاه، وختم له بالصالحات، وجزاه كل خير على كل ما أعطى وبذل، وجعلها في موازين حسناته . حياته الاجتماعية : له من الزوجات : 1ـ فاطمة بنت يحي سالم آل مذهنة الابياتي الفيفي . 2ـ خيرة بنت احمد حسين المشرومي المثيبي الفيفي . وله من الأبناء الباقين على قيد الحياة، ثلاث بنات، وخمسة أولاد هم ( محمد (جامعي)، عبد الله ، ماجد ، خالد ، احمد (في مراحل التعليم المختلفة) ) بارك الله فيهم وجعلهم بارين بوالديهم، وامتداد خير وبركة لهم في حياتهم وبعد مماتهم، وبارك فيها من اسرة مباركة اسرة (آل المشروم)، رحم الله من فات وحفظ بحفظه وتوفيقه الباقين ــ والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته .
محبكم /عبد الله بن علي قاسم الفيفي/ أبو جمال
الرياض الموافق 1431/7/1هـملحوظة : اشكر أخي الفاضل سليمان بن موسى المشرومي على ما قدمه لي من معلومات ضافية. |
الاثنين، 8 أبريل 2013
معلمي سليمان المشرومي
الاشتراك في:
تعليقات الرسالة (Atom)
رحمه الله واسكنه فسيح جناته .. يحيى غزواني
ردحذفاللهم ارحمه ووسع له في قبره ونور له فيه وجعل قبره روضة من رياض الجنه اللهم هون عليه العرض والحساب وعبور الصراط وجمعنا به في الفردوس الاعلى من الجنه
ردحذف